وأما قوله يتوق اليه الملك في قصره. ويشتاقه الصعلوك في كوخه. فجوابه من وجهين:
احدهما ان يقال ليس كل الملوك يتوقون الى الغناء ولا كل الصعاليك يشتاقون اليه وانما يتوق اليه ويشتاقه من قل نصيبه من التقوى من ملك وصعلوك وغيرهما من سائر اصناف الناس.
الوجه الثاني ان يقال ليس كل ما يتوق اليه الملوك ويشتاقه غيرهم من الناس يكون مباحا بل منه ما يكون مباحا ومنه ما يكون محرما كالغناء والمزامير وغيرها من المحرمات التي يشتاق اليها من استزله الشيطان واغواه.
وليست العبرة في حل الاشياء او حرمتها باهواء الناس وشهواتهم وانما العبرة في ذلك بالكتاب والسنة فما شهدا له بالحل فهو حلال وما شهدا له بالتحريم فهو حرام ولو تاقت إِليه أنفس الملوك أو غيرهم من الناس. وقد قام الدليل من الكتاب والسنة على تحريم الغناء والمزامير فلا يلتفت الى ما خالفه من اهواء الناس وشهواتهم.
فجوابه أن يقال هذا من قلب الحقائق فإِن هذه الصفات لا تنطبق على الغناء وانما تنطبق على القرآن فهو غذاء ارواح المؤمنين وسلسبيل قلوبهم وصقال نفوسهم وروضة اذهانهم. واما سماع المكاء والتصدية فانه