وبه إلى الإمامِ أبي الفَرَجِ، قال: أبو الخيرِ التينانيُّ الأقطعُ كان مقطوعَ اليد، وكان سببُ ذلك: أنه كان في جبال أنطاكية يطلب المباح، وينام بين الجبال، وكان عاهدَ الله أن لا يأكل من ثمر الجبال إلا ما طرحَتْه الريح، فبقي أيامًا لا تطرح الريح له شيئًا، فرأى يومًا شجرة كُمَّثْرى، فاشتهى منها، فلم يفعل، فأمالتها الريحُ إليه، فأخذ واحدة بيده، واتفق أن لصوصًا قطعوا هنالك الطريق، وجلسوا يقتسمون، فوقع عليهم السلطانُ فأخذهم، وأُخذ معهم، فقُطعت أيديهم وأرجلهم، وقُطعت يدُه، فلما هموا بقطع رجله، عرفه رجلٌ، فقال للأمير: أهلكتَ نفسَك، هذا أبو الخير، فبكى الأمير، وسأله أن يجعله في حِلٍّ، ففعل، وعوتب، فقيل له: هلا عرفتنا نفسَك؟ فقال: أنا أعرف ذنبي؟ إشارةً منه أنه عاهدَ الله أن لا يأخذَ إلا ما ألقته الريح، فأخذ بها غيرَ ما ألقته الريح، فقُطعت.
وبه إلى أبي الفرج: أنا المحمدان: ابن عبد الملكِ، وابن ناصرٍ، قالا: أنا أحمدُ بن خيرون: أنا أبو الحسينِ الصوفيُّ: أنا عليُّ بن المثنئ: سمعت أبا الخيرِ التيناتيَّ الأقطعَ يقول: ما بلغَ أحدٌ إلى حالةٍ شريفةٍ إلا بملازمةِ الموافقةِ، ومعانقةِ الأدب، وأداء الفرائض، وصحبة الصالحين، وخدمة الفقراء الصادقين (١).
وبه إلى الإمامِ أبي الفرجِ: أنا عمرُ بن طغر: أنا جعفرُ بن أحمدَ: أنا عبد العزيزِ بن عليٍّ: أنا ابن جهضمٍ: حدثني محمدُ بن داودَ: