يتزين العبادُ بزينةٍ أبلغَ فيما عندي من الزهد في الدنيا؛ فإنها زينةُ المتقين، عليهم منها لباسٌ يعرفون به من السكينة والخشوع، سيماهم في وجوههم من أثر السجود، أولئك هم أوليائي حقاً حقاً، فإذا لقيتَهم، فاخفضْ لهم جناحَك، وذلل لهم قلبك ولسانك، واعلم أنه من أهان في ولياً، أو أخافه، فقد بارزني بالمحاربة، وباراني، وعرض في نفسه، ودعاني إليها، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، أَفيظنُّ الذي يحاربني أن يقوم لي، أو يظن الذي يعاديني أن يعجزني، أو يظن الذي يبارزني أن يسبقني، أو يفوتني؟! وكيف وأنا الثائرُ لهم في الدنيا والآخرة، لا أَكِلُ نُصرتهم إلى غيري؟
زاد إسماعيلُ بن عيسى في حديثه: فاعلم يا موسى: أن أوليائي الذين أَشعروا قلوبَهم خوفي، فتظهر على أجسادهم في لباسهم وجهدهم الذي يفوزون به يوم القيامة، وأملهم الذي به يذكرون، وسيماهم الذي به يعرفون، فإذا لقيتَهم، فذلِّلْ لهم نفسَك (١).
* فهؤلاء القومُ عليهم زينةُ الأولياء، وحِلْيةُ المتقين، أعظمُ بهجةً وزينةً من زينة الدنيا، أنوارُهم ظاهرة، وقلوبُهم طاهرة، وأرواحُهم روحانية، ونفوسُهم عُلوية، فلا يعرفُهم إلا عبادُ الرحمن، ولا تظهر سيماهم إلا لأهل الإيمان.
وأما عبادُ الشيطان وحزبُه، فإن الشيطان قد عاداهم، وهرب منهم، فلا يشتهي رؤياهم، وأوحى إلى حزبه من الجن والإنس أذاهم.
(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ١١ - ١٢).