وقد روينا في "الصحيح": أن معاوية لما حجَّ، خطبَ فقالَ: من كان يزعُم أنه أحقُّ منا بهذا الأمر، فليخرجْ، وفي رواية: فليبرزْ لنا قَرْنه، فنحنُ أحقُّ به منه ومن أبيه.
قال عبد الله بن عمرَ: فأردتُ أن أقول: أحقُّ منك بهذا الأمر مَنْ قاتَلَكَ وأباكَ على الإِسلام، فذكرتُ ما أعدَّ الله في الجِنان للمتقين، وخِفْت أن يُنقل عني غيرُ ذلك، فحلَلْتُ حَبْوتي، وسَكَتُّ، فقيل له: حُفظت، وعُصمت (١).
وبه إلى أبي نعيمٍ: ثنا أبو حامدِ بن جبلةَ: ثنا محمدُ بن إسحاقَ: ثنا محمدُ بن الصباحِ: ثنا الوليدُ بن مسلمٍ: ثنا ابن جابر، عن القاسمِ بن عبد الرحمن: أنهم قالوا لابن عمرَ في الفتنة الأولى: ألا تخرجُ فتقاتل؟
قال: قد قاتلتُ والأنصابُ بينَ الركنِ والباب، حتى نفاها الله -عَزَّ وَجَلَّ- من أرض العرب، فأنا أكره أن أقاتل من يقول: لا إله إلا الله.
قالوا: والله! ما رأيك ذلك، ولكنك أردت أن يُفني أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضُهم بعضًا، حتى إذا لم يبق غيرُك، قيل: بايعوا لعبد الله بن عمر بإمارة المؤمنين.
قال: والله! ما ذلك بي، ولكن إذا قلتم: حيَّ على الصلاة، أجبتكم [وإذا قلتم:] حيَّ على الفلاح، أجبتكم، فإذا افترقتم، لم