للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابة، ومن أكرم الصحابة، ووألله! ما بينه وبين أستاذِ الحجاجِ عبد الملكِ بن مروانَ مسافة في الكرم؛ فإن عبد الملك مشهورٌ بالبخل، وقد ذكره غيرُ واحد من العلماء من البخلاء، وعدُّوا ابن عمرَ من الأجواد.

كما أخبرنا جماعةٌ من شيوخنا: أنا ابن المحبِّ: أنا القاضي سليمانُ: أنا الحافظُ ضياءُ الدين: أنا جماعةٌ من شيوخنا: أنا أبو عليٍّ الحدادٌ: أنا الحافظُ أبو نعيمٍ: ثنا إبراهيمُ بن عبد الله: ثنا محمدُ بن إسحاقَ: ثنا قتيبةُ بن سعيدٍ: ثنا محمدُ بن يزيدَ: ثنا عبد العزيزِ بن أبي روادٍ، عن نافعٍ، قال: كان ابن عمرَ إذا اشتدَّ عُجْبُه بشيء من ماله، قَرَّبه لربه -عَزَّ وَجَلَّ-.

قال نافع: وكان رقيقهُ قد عرفوا ذلك منه، فربما شَمَّرَ أحدُهم، فيلزم المسجدَ، فاذا رآه ابن عمرَ -رضي الله تعالى عنه- على تلك الحالة الحسنة، أعتقه.

فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن! والله! ما بهم إلا أن يخدعوك.

فيقول: من خَدَعَنا بالله -عَزَّ وَجَلَّ-، انخدَعْنا له.

قال نافع: فلقد رأيتنا ذاتَ عشية، وراح ابن عمرَ على نجيبٍ له قد أخذه بمال، فلما أعجبه سيرُه، أناخَهُ مكانه، ثم نزلَ عنه، فقال: يا نافع! انزعوا زمامَه ورحلَه وجَلِّلوه وأَشْعِروه وأَدخلوه في البُدْن (١).


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢٩٤ - ٢٩٥).

<<  <   >  >>