للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَهُمْ، يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ" (١).

فيا معشرَ مَنْ يظن أنه عاقلٌ، ولا عقل له! حقِّقِ الأمورَ، يبانُ لك ما أنت فيه من خير وشر، ولا تكن كالبهيمة، تسمعُ ولا تفهمُ ما يراد بالكلام، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: ({وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: ١٧٩]

وقال -عَزَّ وَجَلَّ -: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: ٤٤].

فأكثرُ أهلِ زماننا هذا قد صاروا لا عقولَ لهم، بل أكثرُهم قد صار شرًا من البهائم، لا عقلَ ولا دينَ، وقد فسد الناسُ، وكلُّ ذلك تصديقًا لأحاديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الواردة.

وقد ذكرتُ في كتابي "أشراط الساعة" طرفًا كثيرًا من ذلك، فلينظره الناظر.

وأنت إذا تأملت الناسَ، رأيت جميع محاسن (٢).

فأجمَعُوا السماط، وصرخوا بالعياط، قد تركوا الأذكار، وهربت منهم الأنوار، وأظهروا الرقص والغناء، فأنت أنت، وأنا أنا.


(١) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (٤/ ٣٩١) عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، ولفظه: "إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شيء وليسوا على شيء".
(٢) سقط في الأصل بمقدار لوحة كاملة.

<<  <   >  >>