وكان لا يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطُّ إلّا ويصلي ويُسلِّم. ولا والله ما رأيت أحدًا أشدّ تعظيمًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا أحرص على اتباعه ونصر ما جاء به منه. حتى إذا كان أورد شيئًا من حديثه في مسألة، ويرى أنه لم ينسخه شيء غيره من حديثه يعمل به ويقضي ويفتي بمقتضاه، ولا يلتفت إلى قول غيره من المخلوقين كائنًا من كان. وقال رضي الله عنه: كلُّ قائل إنّما يحتج لقوله لا به، إلا الله ورسوله.
وكان إذا فرغ من درسه يفتح عينيه، ويقبل على الناس بوجه طلْقٍ بشيشٍ، وخلق دمث كأنه لقيهم حينئذ. وربّما اعتذر إلى بعضهم من التقصير في المقال مع ذلك الحال. ولقد كان درسُه الذي يورده حينئذ قدر عدة كراريس.
وهذا الذي ذكرته من أحوال درسه أمرٌ مشهور يوافقني عليه كلّ حاضريه، وهم بحمد الله خلق كثير، لم يحصر عددهم: علماء ورؤساء وفضلاء من القرّاء والمحدّثين والفقهاء والأدباء وغيرهم من عوام المسلمين.