قلب القاضي منه من الشحناء والعداوة ما صوَّب له الحكم بقتله، فعظُم ذلك على من سمعه خوفًا من وقوع ما عَزَم عليه من القتل بمثل هذا الرجل الصالح، وحذرًا على القاضي أن يوقعه الهوى والشيطان في ذلك، فيلقى الله متلبِّسًا بدم حرام، وفتْكٍ بمسلم معصوم الدم بيقين، وكرهوا وقوع مثل ذلك لما فيه من عظيم المفاسد.
فأبلغ الشيخ ــ رضي الله عنه ــ هذا الخبر بصفته، فقال: إن الله لا يُمكِّنه ممّا قصد، ولا يصل إلى مصر حيًّا، فبقي بين القاضي وبين مصر قدرٌ يسير، وأدركه الموت، فمات قبل وصولها، كما أجرى الله تعالى على لسان الشيخ رضي الله عنه.
قلت: وكرامات الشيخ رضي الله عنه كثيرةٌ جدًّا، لا يليق بهذا المختصر أكثر مِن ذكر هذا القدر منها. ومن أظهر كراماته أنه ما سُمِع بأحدٍ عاداه أو غضّ منه إلا وابتُلي بعدّة بلايا غالبها في دينه، وهذا ظاهر مشهور لا يُحتاج فيه إلى شرح صفته.