للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان إلى حين وفاته مشتغلًا بالله عن جميع ما سواه.

قال: فما هو إلا أن سمع الناس بموته حتى لم يبق في دمشق من يستطيع المجيء إلى الصلاة عليه وأراده إلا حضر لذلك وتفرّغ له، حتى غلّقت الأسواق بدمشق، وعُطِّلت معايشها حينئذ، وحصل للناس بمصابه أمرٌ شغلهم عن غالب أمورهم وأسبابهم، وخرج الأمراء والرؤساء، والعلماء والفقهاء، والأتراك والأجناد، والرجال والنساء والصبيان من الخواص والعوام.

قال: ولم يتخلَّف أحدٌ من الناس فيما أعلم إلا ثلاثة أنفس كانوا قد اشتهروا بمعاندته (١)، فاختفوا من الناس خوفًا على أنفسهم، بحيث غلب على ظنهم أنهم متى خرجوا رجمهم الناس فأهلكوهم (٢).

فغُسِّل رضي الله عنه وكُفِّن. قال: وازدحم من حضر غسله من الخاصة والعامة على الماء المنفصل عن غسله، حتى حصل لكلّ واحدٍ منهم شيء قليل (٣).

ثم أخرجت جنازته، فما هو إلا أن رآها الناس حتى أكبّوا عليها من كلّ جانب، كُلٌّ منهم يقصد التبرّك بها، حتى خُشي على النعش أن يُحطَّم قبل وصوله إلى القبر، فأحدق بها الأمراء والأجناد، واجتمع الأتراك فمنعوا


(١) عند ابن كثير: «بمعاداته».
(٢) ذكرهم ابن كثير عن البرزالي، وهم: ابن جملة، والصدر، والقحفازي. انظر «البداية والنهاية»: (١٤/ ١٤٦ - ط الريان)، وهذه الأسماء ليست في ط دار هجر.
(٣) هذا من التبرّك غير المشروع.

<<  <   >  >>