للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتبرج الجاهلية الأولى -وهي التي كانت قبل الإسلام- التبختر في تثن مع إظهار المحاسن، والزينة، وما يجب ستره من العنق، والصدر، والشعر، والقفا، والظهر، والذراعين، والساقين.

ومما يدمي قلب الحر المؤمن الغيور، ما نشاهده في هذا الزمان من تبرج النساء، والفتيات، وخروجهن متبذلات، كاسيات عاريات، مائلات مميلات، عاريات الشعور والظهور، من غير حياء ولا مبالاة! حتى صرن أكثر تبذلاً، وانحلالاً من أهل الجاهلية التي كانت قبل الإسلام!) (١)

وهذا كلام مليح جدا، فيه بيان لمستوى السقوط عن حد التدين الشرعي، الذي انحطت إليه المرأة المسلمة في خصوص هذا الزمان! لكن لا ينبغي أن يقودنا ذلك إلى سد ذرائع لم يأمر الله تعالى بسدها، وهو تعالى العليم بها. ولذلك أحب في هذا السياق أن أنقل نصا نفيسا للشيخ الألباني، فيه دلالة على أنه رحمه الله كان له فقه بالزمان والإنسان؛ إضافة إلى فقه جيد لهذه المسألة. فقد قال كلاما أعجبني أن يصدر من مثله -وهو المتهم بالتشدد- قال رحمه الله: (هل يجب على النساء أن يسترن وجوههن لفساد الزمان وسَدّاً للذريعة؟ فأقول: هذا السؤال يطرحه اليوم كثير من المقلدة، الذين لا ينظرون إلى المسائل الشرعية بمنظار الشرع وأدلته، ولا يتحاكمون عند الاختلاف إلى الكتاب والسنة، وإنما إلى ما قام في نفوسهم من الآراء والأفكار (...) ولجؤوا إلى تقليد بعض المقلدين، الذين جاؤوا من بعد الأئمة بعلة ابتدعوها، وهي قولهم: (بشرط أمن الفتنة!) أي: الافتتان بها!) (٢).

ثم قال بعد إيراد قصة الفضل بن العباس مع الفتاة الخَثْعَمِيَّة مرة أخرى، وقد ذكر سؤال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! لِمَ لَوَيْتَ عنق ابن عمك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: رأيت شابا وشابة ولم آمن الشيطان عليهما) فقال الألباني معلقا:


(١) الفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن الجزيري الجزء الخامس، باب الحدود.
(٢) الرد المفحم:١٢٧

<<  <   >  >>