للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبعد أن نشط الناس لطلب العلم وأداموا الرحلة فِيْهِ والتبحر في فنونه، ظهرت مناهج متعددة في الطلب والموقف مِنْهُ، فكانت الغرس الأول للمدارس الحديثية الَّتِيْ نشأت فِيْمَا بَعْد، فكان لها جهدها العظيم في لَمِّ شتات المرويات وجمعها، والحرص عَلَى تلقيها من مصادرها الأصيلة، فوفرت لَهُم الرحلات المتعددة فرصة لقاء المشايخ والرواة وتبادل المرويات، فإذا انفرد من هَذِهِ الطبقات أحد بشيء ما فإن ذَلِكَ أمر يوقع الريبة عِنْدَ الناقد، لا سيما إذا تفرد عمن يجمع حديثه أَوْ يكثر أصحابه، كالزهري ومالك وشعبة وسفيان وغيرهم (١) .

ثم إنّ العلماء قسموا الأفراد من حَيْثُ التقييد وعدمه إلى قسمين:

الأول: الفرد المطلق: وَهُوَ ما ينفرد بِهِ الرَّاوِي عن أحد الرُّوَاة (٢) .

الثاني: الفرد النسبي: وَهُوَ ما كَانَ التفرد فِيْهِ نسبياً إلى جهة ما (٣) ، فيقيد بوصف يحدد هَذِهِ الجهة.

وما قِيْلَ من أن لَهُ أقساماً أخر، فإنها راجعة في حقيقتها إلى هذين القسمين.


(١) انظر: الموقظة: ٧٧، والموازنة بَيْنَ منهج المتقدمين والمتأخرين: ٢٤.
(٢) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: ٨٠ وطبعتنا: ١٨٤، وشرح التبصرة والتذكرة ١/٢١٧ وطبعتنا ١/٢٨٦، ونُزهة النظر: ٧٨.
(٣) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحديث: ٨٠ وطبعتنا: ١٨٤، والتقريب والتيسير: ٧٣ وطبعتنا: ١١٩-١٢٠، وفتح المغيث ١/٢٣٩، وظفر الأماني: ٢٤٤.

<<  <   >  >>