للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: ((أدركت بالمدينة مئة، كلهم مأمونون ما يؤخذ عَنْهُمْ الْحَدِيْث يقال: ليس من أهله)) (١) .

وَقَالَ مالك بن أنس (٢) : ((أدركت مشايخ بالمدينة أبناء سبعين وثمانين لا يؤخذ عَنْهُمْ، ويقدم ابن شهاب وَهُوَ دونهم في السن فتزدحم الناس عَلَيْهِ)) (٣) .

وهناك أمور جعلت عدداً من جهابذة الْمُحَدِّثِيْنَ لا يأخذون عَنْ عدد كبير من الرُّوَاة هي أن هؤلاء الرُّوَاة كانوا يتشاغلون عَنْ الْحَدِيْث. والتشاغل عَنْ الْحَدِيْث مدعاة لعدم ضبط الْحَدِيْث وعدم إتقانه وربما كَانَ مآل ذَلِكَ إلى دخول بعض الوهم والعلل والاختلافات؛ لأن المذاكرة والمراجعة يعينان عَلَى ضبط الْحَدِيْث وإتقانه. والانشغال في بعض الأمور ربما يحول دون المذاكرة والمراجعة مِمَّا يؤدي إلى عدم ضبط الروايات. ومن تِلْكَ الأمور:

أ....ولاية القضاء:

إنّ ولاية القضاء من الأمور الدينية المهمة، والمجتمع الإسلامي بحاجة لازمة إلى هَذَا المنصب قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} (٤) . ولمكانة هَذِهِ الوظيفة في الإسلام وأهميتها البالغة فالأمر يستدعي من القاضي توفيراً واسعاً لمزيدٍ من الوقت، وتهيئة جوٍّ ملائم للقضاء؛ لأن القضاء مسؤولية دينية ودنيوية، وَقَدْ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -:


(١) وكذلك أسنده الرامهرمزي في المحدّث الفاصل: ٤٠٧ (٤٢٥) ، والخطيب في الكفاية (١٥٩ هـ‍، ٢٤٧ ت) جميعهم من طريق الأصمعي، عَنْ ابن أبي الزناد، عَنْ أبيه، بِهِ.
(٢) هُوَ مالك بن أنس بن مالك الأصبحي، أبو عَبْد الله المدني، نجم السنن وإمام دار الهجرة صاحب الموطأ والمذهب المعروف، توفي سنة (١٧٩ هـ‍) .
انظر: حلية الأولياء ٦/٣١٦، وتهذيب الكمال ٧/٦ (٦٣٢٠) ، والتقريب (٦٤٢٥) .
(٣) الكفاية (١٥٩ هـ‍، ٢٤٨ ت) .
(٤) البقرة: ١٧٩.

<<  <   >  >>