للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال البيهقي: ((هذه لفظة غريبة لم نكتبها إلا من هذا الوجه، وقد روينا عن أبي حازم بن دينار، عن عبد الله بن أبي قتادة في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل منها، وتلك الرواية أودعها صاحبا الصحيح (١) كتابيهما دون رواية معمر وإن كان الإسنادان صحيحين)) (٢) .

وقال ابن حزم: ((لا يخلو العمل في هذا من ثلاثة أوجه. إما أن تغلب رواية الجماعة (٣) على رواية معمر لا سيما وفيهم من يذكر سماع يحيى من أبي قتادة (٤) ، ولم يذكر معمرا، أو تسقط رواية يحيى بن أبي كثير جملة؛ لأنه اضطرب عليه (٥) ، ويؤخذ برواية أبي حازم وأبي محمد وابن موهب الذين لم يضطرب عليهم؛ لأنه لا يشك ذو حسٍّ أن إحدى الروايتين وهم، إذ لا يجوز أن تصح الرواية في أنه عليه السلام أكل منه، وتصح الرواية في أنه عليه السلام لم يأكل منه، وهي قصة واحدة في وقت واحد في مكان واحد في صيد واحد)) (٦) .

وسأشرح الآن شذوذ رواية معمر، فأقول:


(١) يعني: الإمام البخاري والإمام مسلم، وكتاباهما الصحيحان أصح الكتب بعد كتاب الله، والرواية التي أشار إليها البيهقي سيأتي تفصيلها.
(٢) السنن الكبرى ٥/١٩٠، ومعلوم أنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن، انظر: نصب الراية ١/٣٤٧.
(٣) وهذا هو الذي نرجحه؛ لأن الجماعة أولى بالحفظ.
(٤) وإنما قال هذا ابن حزم؛ لأن يحيى مدلس، والمدلس لا يقبل حديثه إلا بالتصريح، والرواية التي أشار إليها ابن حزم، هي رواية هشام الدستوائي، عن يحيى عند مسلم ٤/١٥ (١١٩٦) (٥٩) ، ورواية معاوية بن سلام، عن يحيى عند مسلم ٤/١٦ (١١٩٦) (٦٢) .
(٥) وهذا بعيد؛ لأن شرط الاضطراب استواء الوجوه وعدم إمكان الترجيح، وهنا لَمْ تستو الوجوه؛
لانفراد واحد أمام الجماعة، والترجيح هنا ممكن فرواية معمر شاذة، ورواية الجماعة
محفوظة.
(٦) المحلى ٧/٢٥٣.

<<  <   >  >>