للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تذكّر أخي المسلم كم إنساناً تكلمتَ فيه؟ وكم إنساناً طعنتَ فيه؟ كل هؤلاء سوف يكونون خصماءك عند الله - عز وجل -، نعم سيكونون خصماءك يوم القيامة، فهذا أخوك المسلم تغتابه وتتكلم فيه وتطعن به، ولا تظنه سيكون خصمك يوم القيامة، أتظن أنَّ الله سيتركك؟ لا: إنَّ الله لن يتركك؛ لأنَّ الله أعدل العادلين ينصف المظلومين من الظالمين. فتنبه دائماً أنَّ الكلمة إذا خرجت فهي مكتوبة لك أو عليك؛ فإياك وإياك أنْ تتكلم إلا وتفكر هل سيكتب لك أو عليك؟ والسلامة لا يعدلها شيء فإنْ لم تعرف أنَّ ما تتكلم به خيراً أو شراً فعليك بالصمت، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من صمت نجا)) (١) فانتبه دائماً للسانك قال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] يقول عبد الله بن مسعود: ((والله الذي لا إله غيره ما من شيء أحوج إلى سجن من لسان)) (٢) ، وهذا ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن كان يقول: ((قل خيراً تغنم، أو اصمت تسلم قبل أن تندم)) (٣) .

أخي المسلم الكريم، تمعن في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشمائله وانظر كيف أنه كان كثير الصمت، فهذا نبينا الأعظم رسولٌ ونبيٌّ وكانت هذه صفته، وكان الأعرابيُّ يدخل المسجد فلا يعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كثرة كلامه، ولا من جلسته ولا من مكانه، وهذا دليل على مزيد تواضعه صلوات الله وسلامه عليه.


(١) أخرجه: أحمد ٢/١٥٩ و١٧٧، والترمذي (٢٥٠١) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه: ابن أبي عاصم في " الزهد " (٨٦٤) ، والطبراني (٨٧٤٤) ، وأبو نعيم في " الحلية " ١/١٣٤.
(٣) أخرجه: ابن أبي عاصم في " الزهد " (١٠٤٣) ، وأبو نعيم في " الحلية " ١/٣٢٧ - ٣٢٨.

<<  <   >  >>