للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند قوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [النمل:٥٠-٥٢] .

إذنْ فالإسلام حرّم السخرية بالهمز واللمز؛ لأنَّ ذلك يقود إلى التباغض والتشاحن والمنازعات، وكل ذلك يهدد الروابط الاجتماعية بالتفكك والانهيار، وهذه الاحترازات كلها من أجل أنْ يظل المجتمع مترابطاً متماسكاً قوياً، فسخرية المسلم من أخيه المسلم محرمةٌ شرعاً، وكذلك يحرم عليه أنْ يعيبه بقول أو فعل، وهذه الحرمة مستمرة سواء كان أخوك المسلم غائباً أو حاضراً، وكذلك يحرم عليه أن ينبزه بلقب يكرهه؛ لأنَّ كل ذلك من أسباب البغض.

والذي يسخر من أخيه المسلم يحمل في قلبه شيئاً من كبر، وقد روى ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر)) قال رجلٌ إنَّ الرجل يحب أنْ يكون ثوبه حسناً ونعله حسنةً، قال: ((إنَّ الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)) (١) وسبب ذلك أنَّ السّاخرَ دَفَعَهُ كبرُهُ إلى


(١) أخرجه: مسلم ١/٦٥ (٩١) (١٤٧) .

<<  <   >  >>