للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأقام فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا وهو يدعوهم، ثم أوحى الله إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، قال تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُون (٣٦)[هود]، وقال : ﴿وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيل (٤٠)[هود].

وآخر هؤلاء الرسل هو نبينا محمد ، خُتمت به النبوة والرسالة فلا نبي بعده، وهو نبي الساعة؛ لأنه بُعث بين يدي الساعة، يقول النبي : «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبَد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم» (١).

يقول الشيخ: «والدليل على أن أولهم نوح قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [النساء: ١٦٣]» فذكر الله في هذه الآية أول الرسل وآخرهم ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ الخطاب لمحمد وهو آخرهم، ﴿كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ﴾ وهو أولهم، فجمع الله في هذه الآية بين طرفي سلسلة الرسل.

قال: «وكل أمة بعث الله إليها رسولًا من نوح إلى محمد ؛ يأمرهم بعبادة الله وحده، وينهاهم عن عبادة الطاغوت. والدليل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]».


(١) رواه أحمد (٢/ ٥٠) من حديث عبد الله بن عمر . وفي إسناده كلام وله شاهد مرسل، انظر: إرواء الغليل (٥/ ١٠٩).

<<  <   >  >>