للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُون (٣١)[يونس]، وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]، وإنما كانوا يعبدون ما يعبدونه زاعمين أنها وسائط تقربهم إلى الله، ويقولون: إن الله تعالى لا يُوصَل إليه إلا بواسطة أوليائه والمقربين منه وأنبيائه وملائكته، كملوك البشر إنما يرفع حوائج الناس إليهم خاصتهم وأعوانهم ووزراؤهم، فشبهوا الخالق بالمخلوق - تعالى الله عن قول المفترين علوًا كبيرًا -.

وهم يزعمون أنهم إنما عبدوهم ليقربوهم ويشفعوا لهم عند الله، وذكر الشيخ دليلًا على هذا قولَه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]، فهذا هو الحامل لهم على عبادتهم.

والدليل على أنهم أيضًا يرجون شفاعتهم قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّهِ﴾ [يونس: ١٨].

إذًا؛ لم يعبدوهم لاعتقادهم أنهم شركاء لله في الربوبية، ولكنهم جعلوهم شركاء لله في الإلهية، ولهذا قال النبي لحصينٍ والدِ عمران: «كم تعبد اليوم إلهًا؟»، قال: سبعة، ستًا في الأرض وواحدًا في السماء. قال: «فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك؟»، قال: الذي في السماء (١).


(١) رواه الترمذي (٣٤٨٣) من حديث عمران بن الحصين ، وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وصححه ابن القيم في «الوابل الصيب» ص ٤١١.