معنى هذا أن الشرك بعضه أغلظ من بعض، وبعضه أقبح من بعض، والكفر أيضًا يتفاوت، فالملاحدة الجاحدون أغلظ كفرًا من المقرين بربوبيته ﷾ وإن كانوا مشركين، والذي يدعو إلى الكفر ويصد عن سبيل الله أغلظ كفرًا من الذي لا يدعو وكفره قاصر على نفسه.
ومشركو زماننا أغلظ شركًا من المشركين الأولين، ووجه ذلك أن الأولين كانوا يشركون في الرخاء، أي: في حال السعة والطمأنينة، ولكن الغالب عليهم أنهم يخلصون في الشدائد، وهذا هو الذي حكاه الله عنهم في آيات كثيرة، قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [العنكبوت: ٦٥]، ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِنْ