«هي: أن تعبد الله وحده مخلصًا له الدين» المراد: أن تعبده لا تريد بالعبادة سواه، فيكون تدينك وذُلُّك وخضوعك لله، ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّين (١١) وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِين (١٢)﴾ [الزمر]، ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤)﴾ [الزمر]، هذه ملة إبراهيم، وهي الملة الحنيفية التي فيها التوجه إلى الله والإعراض عن ما سواه، وهذه العبادة هي التي أمر الله بها عباده، وخلقهم لها كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون (٥٦)﴾، فبيَّن سبحانه أنه خلق الجن والإنس لعبادته، هذه هي الغاية والحكمة من خلق الثقلين، وقد أمر الله بذلك جميع الناس على ألسن رسله، فكل نبي يقول لقومه: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩]، ﴿اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].
ثم نبه الشيخ على أمر مهم، فقال:«واعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد» فمن عبد مع الله غيره، لم يكن عابدًا لله، ولا يعتد بعبادته؛ لأن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد.
ثم مثَّل الشيخ على ذلك بقوله:«كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة» أي: كما لو صلى الإنسان على غير طهارة فصلاته باطلة ليست صحيحة.
فإذا كان من المعلوم أن الصلاة إذا دخلها الحدث أفسدها، فكذلك العبادة إذا دخلها الشرك أفسدها، كالحدث إذا دخل الطهارة أبطلها، ولكن إذا كان الشرك هو الشرك الأكبر فإنه يحبط جميع العبادات، كما قال تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥]، ﴿وَلَوْ