للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتفاوتون فيه: فمنهم من يفسق الغير ويكفره بالتأويل؛ وذلك لا يوجب رد الشهادة.

وإذا عدل الشاهد لا يحتاج إلى بيان سببه؛ لأن أسباب العدالة لا تحصى، ولا يقبل القاضي التعديل بالكتبة؛ حتى يخبره أصحاب المسائل مواجهة.

وقال أبو يوسف: تقبل الكتبة؛ وهو اختيار شيخنا القاضي- رحمه الله- وعليه الحكام. واختلف أصحابنا: في أن القاضي يحكم بالجرح والتعديل بقول أصحاب المسائل، أو بقول المزكين، وأن المراد من قول الشافعي رضي الله عنه: ولا تقبل المسألة عنه، ولا تعديله ولا جرحه إلا من اثنين منهم.

قال أبو إسحاق: المراد منه: المزكون، والقاضي يحكم بقول المزكي، فعلى هذا يجوز أن يكون صاحب المسائل واحداً؛ فإذا عاد بالجرح، توقف الحاكم، ولا يستدعي الجارح؛ لأن فيه فضيحة الشاهد، بل يقول للخصم: زد في الشهود، وإن عاد بالتعديل لم يحكم به بل يدعو المزكي؛ فيسأله حتى يخبره مشاهدة؛ بأن الدعوى عدلته، هذا لئلا يوافق اسم اسماً أو نسب نسباً، ولا يقبل إلا من اثنين.

وقال الإصطخري: المراد منه: أصحاب المسائل، والقاضي يحكم بشهادتهم، ويشترط أن يكونا اثنين، ويسألهم القاضي سراً، فإن أخبروه بالجرح لم يظهره.

وإن أخبروه بالتعديل سراً، ثم حضر الشهود أخبروه علانية بتعديلهم، وإنما يسأل سراً؛ ليكون أستر للمسئول عنه إن نسب إلى الجرح.

فإن كان عدلاً أظهره، ليعلم أن المعدل هذا لا يوافق اسم اسماً، ولا نسب نسباً.

قال الشافعي- رحمه الله-: ولا يقبل الجرح إلا بالمعاينة، أو بالسماع. أراد به: أن القاضي إذا استدعى الجارح؛ وسأله عن الجرح، أو صاحب المسألة إذا سأل وأخبر بالجرح، فلا يقبل إلا ممن يضيفه إلى نفسه ويقول: رأيته يزني ويشرب، أو يضيف إلى سماع؛ فيقول: سمعته يقر بالزنا أو بالشرب أو بالقذف، أو يستفيض ذلك منه؛ فيحصل به العلم.

أما إذا قال: بلغني عنه كذا، أو قيل لي: إنه يفعل كذا، أو يقول كذا- فلا يجوز أن يشهد به؛ لأن الله- تعالى- يقول: {إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦].\

قال الشافعي: ولا يقبل التعديل؛ حتى يقول: عدل علي ولي.

وقال أبو إسحاق: لا يقبل تعديله؛ حتى يقول: عدل علي ولي.

<<  <  ج: ص:  >  >>