عزلها، وكتب عليها: خصومات سنة كذا وختمها، وكل نسخة يثبتها لنفسه يكتب للمشهود له مثلها، إلا أنه لا يختم على نسخة المشهود له. فإذا احتاج إلى شيء مما عنده من النسخ لا يفتحها؛ حتى ينظر إلى ختمه وعلامته، وإذا فتحها لا يعمل بما فيها، وإن وجدها مختومة بختمه مكتوبة بخطه حتى يذكرها؛ لأن الخط يشبه الخط كما لا يجوز أن يشهد على خطه إذا لم يذكر.
وعند أبي يوسف: يجوز أن يحكم ويشهد إذا رأى خطه، وإن لم يذكر ويشهد عنده شاهدان: أنك حكمت بكذا، لا يحكم بشهادتهما، ولا يلزمه الحق بقولهما، حتى يذكر أو يعيد الخصم الدعوى والشهادة؛ فيحكم ثانياً.
أما إذا شهد شاهدان عند حاكم آخر؛ بأن القاضي فلان بن فلان حكم بكذا- يجب عليه قبول شهادتهما والحكم بقولهما. وإن علم أن فلاناً القاضي لم يحفظ حكمه.
أما إذا كان ذلك القاضي أنكر حكمه، لا يجوز للقاضي الثاني أن يحكم بشهادتهما؛ إذا علم أن الأول أنكر حكمه وقيل: إن علم أن الأول قد توقف عن الحكم به؛ فإن لم يتذكر، لا يجوز للثاني أن يقضي به، وكذا لو شهد شهود الفرع عند القاضي، ثم شهد شاهدان أن شاهدي الأصل توقفا عن الشهادة، فلا يجوز أن يحكم بشهادة الفرع.
فلو تذكر القاضي حكمه، فقال المدعي: حلف المدعى عليه أنه لا يعرف حكمكما، يحلف.
قال: يحتمل وجهين.
أما في رواية الحديث: إذا نسي الراوي الحديث، يجوز أن يقبل ممن سمع منه
كان سهيل بن أبي صالح يروي عن أبيه، عن أبي هريرة؛ فأصابته شجة؛ فنسي الحديث- وكان قد سمع منه ربيعة فكان يقول: أخبرني ربيعة عني؛ أني أخبرته عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك يجوز رواية الحديث عن كتاب إذا رآه بخطه، ولم يغب عنه الكتاب يجوز وإن لم يذكره؛ بخلاف الشهادة؛ لأنه يشدد الأمر في الشهادة ما لا يشدد في الرواية؛ بدليل أنه يقبل في الرواية: حدثني فلان عن فلان، ولا يقبل ذلك في الشهادة.