وإن أشكل الأمر، فلم يدر أنهما خرجا معاً، أو أحدهما بعد الآخر- لا يعتق واحد منهم؛ لأن الأصل بقاء الملك على الكل، وإن تيقن أن أحدهما سبق الآخر، فلم يدر أيهما خرج أولاً- فالغلام حر بكل حال، لأنه إن سبق فهو حر، وإن سبقت الجارية عتق الغلام بعتق الأم، والجارية رقيقة.
أما الأم: فيحتمل [حريتها]؛ بسبق الجارية، ويحتمل رقها؛ يسبق الغلام فأيهما قامت به البينة، حكم به؛ وإلا فهي رقيقة؛ [لأن الأصل رقها].
وقيل- وبه قال ابن الحداد: يقرع في حقها، فإن خرج لها سهم الحرية- كانت حرة؛ كما لو طار طائر، فقال رجل: إن كان غراباً- فعبدي حر، وإن لم يكن غراباً- فامرأتي طالق، ولم يتبين-: يقرع للحرية والأول أصح، لأن القرعة: إنما تكون في موضع تحقق الوقوع فأشكل، وههنا: لم يتحقق الوقوع؛ فلا قرعة؛ كما لو طار طائر، وقال رجل: إن كان هذا غراباً فعبدي حر، ولم يتبين لا يعتق العبد ولا يقرع للحرية، وفيما أوردوا من الحرية والطلاق تيقن الحنث في أحدهما، فأشكل فأقرعنا للحرية.
باب عتق الشريك
روي عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من أعتق- شركاً له في عبد، وكان له مال يبلغ ثمن العبد- قوم [العبد] عليه قيمة عدل، فأعطي شركاؤه حصصهم، وعتق عليه العبد؛ وإلا فقد عتق منه ما عتق.