الثالث: أن في المنجز يقدم الأسبق فالأسبق؛ إن لم يخرج الكل من الثلث، وفي المعلق لا يقدم ما لم يقيد به.
بيانه: لو قال في مرض موته لثلاثة أعبد له: سالم حر، وغانم حر، وزياد حر، فإن خرجوا من الثلث- عتقوا جميعاً، وإن خرج واحد من الثلث- عتق الأول، وإن خرج اثنان عتق الأول والثاني ورق الثالث.
وإن عقب الكل بلفظ الحرية، فقال: سالم وغانم وزياد أحرار، ولم يخرجوا من الثلث - يقرع بينهم.
ولو أعتق، ثم باع شيئاً بالمحاباة أو حابى أولاً، ثم أعتق، ولم يخرجا من الثلث- ينفذ الأسبق، سواء كان الأسبق هو العتق أو المحاباة أو غير ذلك من التبرعات، وسواء كانت المحاباة مقبوضة أو لم تكن؛ لأنها معلقة بالمعاوضة؛ فلا يتوقف [تمامها] على القبض.
أما إذا وهب، ولم يقبض، ثم أعتق بعده، أو حابى، ثم أقبض الموهوب، ولم يخرج من الثلث- يقدم العتق أو المحاباة؛ لأن الملك في الهبة يحصل بالقبض، والقبض كان متأخراً.
وإن فعل الكل دفعة واحدة- فالكل سواء، إن لم يكن فيها عتق، ويوزع الثلث على جميعها باعتبار القيمة، فإن استوت: فعلى التساوي، وإن تفاضلت: فعلى التفاضل؛ كما نفعل في الديون، فإن كان فيها عتق، فهل يقدم العتق؟ فيه قولان:
أصحهما: أن الكل سواء.
والثاني: يقدم العتق؛ لأن له غلبة، فأما المعلق بالموت من الوصايا، إذا عجز عن الثلث كالهبات.
والمحاباة لا يقدم بعضها بالسبق؛ لأن لزوم الكل في وقت واحد، وهو عند الموت فيقسم الثلث بين الجميع على التفاضل إن تفاضلت، وعلى التساوي إن استوت.
وإن كان فيها عتق وغيره، هل يقدم العتق؟ فيه قولان:
الأصح: لا يقدم، وإن كان الجميع عتقاً- يقرع بين العبيد؛ مثل: إن قال: إن مت فسالم حر، وغانم حر، وزياد حر، ولم يخرجوا من الثلث- يقرع بينهم.
فإن قيد بالتأخير، فقال: إن مت فسالم حر، ثم غانم حر، وخرج أحدهما من الثلث - عتق سالم.