ثُمَّ زَعَمَ المُعَارِضُ أَنَّهُ فَرَغَ مِنَ الأَحَادِيثِ المُشْتَبِهَةِ، وَابْتَدَأَ فِي التَّوْحِيدِ بالمَعْقُولِ ثُمَّ حَكَى في تَفْسِيرِ التَّوْحِيدِ كَلَامًا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الفِقْهِ وَالعِلْمِ، وَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا مِنْهَا فِي الرِّوَايَاتِ.
فَقَالَ: سَلِ الرَّجُلَ: هَلْ عَرَفْتَ الخَلْقَ بِاللهِ، أَوْ عَرَفْتَ اللهَ بِالخَلْقِ؟
فيُقالُ لَهُ: مَعْبُودُكَ هَذَا مَا هُوَ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ وَمَا صِفَتُهُ؟ وَمَا مِثَالُهُ؟ ثمَّ فسَّرهما بِتَفَاسِير لَا يَأْثُرُ شيءً مِنْهَا عَنْ أَحَدٍ مَوْسُومٍ بِالعِلْمِ مِمَّنْ مَضَى وَمِمَّنْ غَبَرَ، فَلَمْ أَجِدْ لِبَعْضِهَا نَقِيضَةً أَسْلَمَ مِنَ الإِمْسَاكِ عَنْ جَهْلِ الجَاهِلِينَ، وَكَثِيرًا مِنْهَا قَدْ فَسَّرْتُ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا، فَإِنْ لَمْ يوحِّد اللهَ من أمة مُحَمَّدٍ إِلَّا مَنْ قَامَ بِهَذِا الخُرَافَاتِ، وَجَوَابِهَا مَا فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ هَذَا المُعَارِضِ مُوَحِّدٌ.
وَقَدْ فسَّرنا لِلْمُعَارِضِ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْحِيدِ مَا كَانَ فِيهِ مَنْدُوحَةٌ من هَذِه التَّخَالِيط: أَنَّهُ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، هَذَا تَفْسِيرُهُ المَعْقُولُ، وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَالعُرْوَةُ الوُثْقَى، مَنْ جَاءَ بِهَا مُخْلِصًا؛ فَقَدْ وَحَّدَ الله تَعَالَى، وَإِن لم يَجِئْ بِمَا فَسَّرَ المُعَارِضُ ولم يحسن مِنْ هَذِهِ العَمَايَاتِ وَهِيَ الكَلِمَةُ الَّتِي رَضِيَ بِهَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - من عَمِّهِ، وهُوَ الدَّلِيل على إِيمَانِ الرَّجُلِ وَإِسْلَامِهِ وَتَوْحِيدِهِ.
وَيْحَكَ أَيُّهَا المُعَارِضُ! أَوَلَمْ تَزْعُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي التَّوْحِيدِ إِلَّا الصَّوَابُ؟ [٦٣/و] أَفَتَأْمَنُ الجَوَابَ فِي هَذِهِ العَمَايَاتِ أَنْ تَجُرَّكَ إِلَى الخَطَإِ فِي التَّوْحِيدِ، وَالخَطَأُ فِيهِ كُفْرٌ؟ فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ نَفْسِكَ لِمَا نَدَبْتَ إِلَيْهِ غَيْرَكَ مِنَ الخَوْضِ فِيهِ وَمَا أَشْبَهَهُ؟
ثُمَّ عَادَ المُعَارِضُ إِلَى أَسْمَاءِ الله تَعَالَى ثَانِيَةً، فَادَّعَى أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ كُلَّهَا؛ لِأَنَّ الأَسْمَاءَ هِيَ ألفَاظٌ، ولا يكون لَفْظٌ إِلَّا مِنْ لَافِظٍ، إِلَّا أَنَّ مِنْ مَعَانِيهَا مَا هِيَ قَدِيمَةٌ، وَمِنْهَا حَدِيثَةٌ.
وَقَدْ فَسَّرْنَا لِلْمُعَارِضِ تَفْسِيرَ أَسْمَاءِ الله فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا، وَاحْتَجَجْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute