قال غيره: عمد الصبيان والمجانين خطأ على عواقلهم, ولا خلاف عندنا أن السكران كالصاحبي في حكم القتل بنا على لزوم أفاله, ثم تكلم على الشرط الثالث وهو العلم بحياة المقتول, وقد قدمناه.
قال القاضي رحمه الله: "فأما ما دون النفس فضربان قطع وجرح" إلى آخره.
شرح: ذكر في هذا الفصل الجراحات العشر, وأوصلها بعضهم إلى أحد عشر, وبعضهم إلى ثلاث عشرة, زاد فيها الدامعة واللامة, وقد فسرها القاضي بأسمائها, وأشار إلى اشتقاقها, ومن أهل العلم من قال السمحاق هي البضاعة, وتفريق القاضي أصح إن شاء الله, وتكلم بعد على أحكامها, واشترط في وجوب القود بكل ذلك أربعة شروط, وأشار بقوله: "بكل ذلك" إلى الضربين اللذين ذكر في أول الفصل حيث قال: "وأما من دون النفس فضربان قطع وجرح والجراح ضربان ضرب فيه القصاص, وضرب لا قصاص فيه".
الشرط الأول: تكافؤ الدماء, فإن حصل التكافؤ من الطرفين وجب القصاص في محله, فإن لم يحصل فله حالتان إحداهما أن يكون دم الجارح أرجح من دم المجروح, كالحر يقطع يد العبد: أو المسلم يقطع يد الكافر فلا خلاف في انتقاء القصاص في هذه الصورة كانتفائه في النفس, وعليه في العبد ما نقص من قيمته, والحالة الثانية أن يكون دم الجارح أنقص من دم المجروح, كالعبد يقطع يد الحر, والكافر يقطع يد المسلم, فحكي القاضي وغيره في هذه الصورة روايتان: إحداهما: نفى القصاص, لأن المراعي: التكافؤ من الطرفين, ولم يحصل لأن عضو العبد أو الكافر ليس بمكافئ لعضو الحر المسلم, فكان كيد الأشل بيد الصحيح, والثاني: وجوب القصاص اعتبارًا بالنفس