(وههنا) تنبيه لفظي (ومعنوي) يتعلق بكلام القاضي، قد قدمنا عليه (الكلام)، حيث اشترط التكافؤ قبل، وتحصيله أن القاضي اشترط التكافؤ، وذكر قسمين أثبت بمقتضى لفظه التكافؤ فيهما، ونفاه بقوله:"أن يكون دم الجارح مكافئًا لدم المجروح" يفهم منه أن التكافؤ التساوي من الطرفين، لأن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين، وهو أيضًا مقتضى لفظ المتضايفين، فقوله بعد:"ودم المجروح غير مكافئ لدم الجارح" نفى المكافئات التي أثبتها بظاهر لفظه لا بحقيقة قصده.
وتضمن هذا القسم الثاني أن دم الفاعل أعلى من دم المفعول به، وإذا عدلنا إلى لفظ المفاعل لأنه أعم من لفظ الجارح هنا. وصور في هذا القسم المثاليين المذكورين، الكافر يقطع يد المسلم، والعبد يقطع يد الحر.
ثم قال بعد:"فقي في هذين القسمتين" فأشار بقوله: "في هذين" لما صور في المثال في القسم الثالث فقط، كان الخلاف في محله، وكذلك في المعونة، وكذلك نقله غيره من أشياخ المذهب، ونفي القسم الثالث على هذا التأويل عاريًا عن الحكم، إذ لم يذكر فيه إلا محض التمثيل، وفي هذا تسامح، وإن أشار بقوله "هذين" إلى الصور الأربع التي هي اثنان في الحقيقة المذكورتان في القسمين الثاني والثالث، كان في الكلام نظر، إذ لا خلاف عندنا في القسم الثاني أن الأطراف تابعة للنفس، وكما أنه لا يقتل المسلم بالكافر، فكذلك لا تقطع يد المسلم إذا قطع يد الكافر، ولا يد الحر إذا قطع يد العبد، فكلام القاضي في هذا الموضع فيه تأمل جرت عادتنا بالتنبيه عليه عند المذكرات، وقد بسطه في المعونة وقال (ما نصه): "وإذا جرح الكافر مسلمًا، أو قطع طرفه لم يقتص منه، وكانت له عليه الدية وقيل: يجتهد السلطان في ذلك، ويحتمل على هذه الرواية القود، وإذا جرح العبد حرًا، أو