بوجوب الانتظار إلى الاندمال فترى ما جرح العدوان فلا يخلو أن يبلغ النفس أو ما دونها، وإن بلغ ما دون النفس، وكان عمدًا اقتص من عينه دون سرايته، وإن بلغ النفس وجب القصاص في النفس، ويسقط حكم الجرح كما قدمناه لدخول القصاص (الأدنى تحت الأعلى إلا أن السراية إن كانت في الحال وجب القصاص في النفس بغير قسامة، وإن كانت بعد أيام وجب القصاص بعد القسامة) فيحلف الأولياء أن من جرحه مات، ويقتلونه. هذا حكم السراية في جرح العدوان وأما سراية القصاص، فهل هي مضمونة أم لا؟ اختلف الفقهاء فيها فعندنا، وعند الشافعي أنها غير مضمونة إلا أن يتعمد المقتص العدوان، فتكون سرايته مضمونة، فإن كان المجروح، أو وليه، ففي ماله. وإن كان أجيرًا أمينًا من أهل البصر كانت من باب غلط الطبيب والخاتن، وقال أبو حنيفة سراية القصاص مضمونة والدليل لنا أنه قصاص استحق عليه لسبب كان منه فلم يضمن أصله القطع في السرقة. وههنا فروع:
الأول: إذا أخطأ متولي القصاص فزاد، أو نقص غير قاصد للعدوان هل يلزمه حكم الزيادة أم لا اختلف المذهب فيه بناء على الاجتهاد هل يرفع الخطأ أم لا؟ والمعتمد عليه في المذهب ما رواه أبو زيد عن ابن القاسم أنه إذا بلغ ذلك ثلث الدية فعلى العاقلة، وإن قصر ففي ماله فإن نقص لم يكرر القصاص، وفي الموازية والعتبية من رواية أصبغ عن ابن القاسم إن علم النقص قبل أن ينبت اللحم، ويندمل الجرح، أتم ذلك، وإن طال الأمر فلا شيء عليه فيه لا اتهام ولا دية، وقال غيره: إن كان يسيرًا فلا يقاد، ولو كان بحضرة ذلك، وإن كان كثيرًا اقتص له منه تمام حقه قبل البرء، فإن طال فله ما بينهما من الدية، قال مالك: إن برئ المستقاد منه ومثل بمجروح أو برئت