للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: "ويلزم (الحد) بالتعريض الذي يفهم منه القذف" وهذا كما ذكره وهو صريح مذهب مالك، وخالفه فيه الشافعي وأبو حنيفة قالا: لا حد في التعريض، والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك إجماع أهل اللسان العربي على أن التعريض يقوم مقام الصريح وضعًا، وقد جلد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وعمر بن عبد العزيز وغيرهم من الخلفاء في التعريض، وقد قال تعالى في التعريض حاكيًا من قوم شعيب: {إنك لأنت الحليم الرشيد} [هود: ٨٧].

وإذا كان التعريض في (عرف) اللغة ومعهود التخاطب يقوم مقام التصريح وجب الحد به.

قال بعض علماؤنا: لا عذر للشافعي في إسقاط الحد في التعريض، لأنه عربي فصيح ثابت القدم في علم اللسان، فرب تعريض وإبهام أفصح من صريح الكلام. وإذا أجرينا التعريض مجرى التصريح كان ذلك عامًا في كل معرض. وروى عن مالك أنه لا يحد الأب في التعريض إلا أن يصرح، لأن عند الأب من الشفقة وصلة النسب ما ليس عند الأجنبي. وروى الأصبغ عن مالك أنه لا يجلد الأب إذا قذف ابنه (لا في تعريض ولا في صريح، والمعتمد عليه من مذهب مالك وأصحابه أن الأب يجلد لقذف ابنه) إذا طلب ابنه في التصريح، وفي التعريض خلاف وتسقط عدالة الابن بذلك إذا طلبه لقوله تعالى: {فلا تقل لهمآ أفٍ} [الإسراء: ٢٣]. ورواه ابن المواز عن مالك. وكذلك اختلف المذهب في التعريض من الزوج هل هو كالتعريض من الأجنبي أم لا؟ وفيه قولان عندنا. قال ابن الماجشون: من قال في المشاتمة إنك لعفيف الفرج حد، قال ابن القاسم ولو قال فعلت بفلانة في أعكافها، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>