القضاء وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه، ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكًا يسدده).
وفصّل علماء الشافعية الأمر في طلب القضاء تفصيلاً حسنًا جاريًا على مقتضى الفقه، فقالوا: إن كان طالب القضاء ليس من أهل الاجتهاد والعدالة كان تعرضه له محظورًا، وصار بالطلب له محظورًا وإن كان من أهله فله أحوال: أحدهما: أن يكون القضاء في غير مستحقه، إما لنقص (علمه) أو لظهور جوره فيجب أن يحبطه دفعًا لمن لا يستحقه فهذا سائغ لما تضمنه من منكر، ثم ينظر فإن كان أكثر قصده إزالة غير المستحق كان مأجورًا، فإن كان أكثرها اختصاصه بالنظر فيه كان مباحًا. والحالة الثانية: أن يكون القضاء في مستحقه وهو من أهله، ويريد أن يعزله عنه، إما لعداوة بينهما أو ليجربه إلى نفسه نفعًا، فهذا الطلب محظور عليه، وهو مجروح لتعرضه له. والحالة الثالثة: أن لا يكون في القضاء ناظر فينظر حاله فيطلبه لهذه الخطة، فإن كان لحاجته إلى رزق القضاء وخراجه مستحق في بيت الحال كان مباحًا وإن كان لرغبة في إقامته وخوفًا من أن يليه غير المستحق له، كان طلبه له مستحقًا، فإن قصد بطلبه المباهاة والمنزلة، فلأصحاب الشافعي فيه قولان الكراهية، والجواز، الكراهة لقوله سبحانه:{تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علو في الأرض ولا فسادًا}[القصص: ٨٣]. والجواز اعتمادًا على قوله تعالى حاكيًا عن يوسف - عليه السلام -: {قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم}[يوسف: ٥٥]. واشترط العلماء (في القاضي شروط) منها ما هو على الإيجاب، ومنها ما هو على وجه الندب والاستحباب.
قال القاضي:"ولا يستقضي إلا فقيه من أهل الاجتهاد لا عامي مقلد" وهذا كما ذكره .. أما كونه فقيهًا فاحترازًا من العامي، ولا يجوز أن يكون