الشهادة، فتنتقل الشهادة عنه كما تنقل عن الشهود الغائبين أو المرضى ونحوهم.
قوله:"وحكم الحاكم ينفذ في الظاهر ولا يحيل الباطن على ما هو عليه" وهذا مذهب مالك والشافعي وجمهور الفقهاء، وشذ أبو حنيفة فقال: إنه يتعلق بالظاهر والباطن، والدليل لنا عليه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إننا معاشر الأنبياء إنما نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر). وقال -صلى الله عليه وسلم-: (فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار)، وقد ارتكب أبو حنيفة في هذه المسألة (مرتقى صعبًا، واجترى فيها على هتك الشريعة، وإفساد الملة) وقد تعرض الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في الطعن عليه فيه، والترتيب لقوله وتزييف رأيه في كتاب الحيل من جامعه الصحيح. وصور أبو حنيفة على هذا الأصل الفاسد فروعًا فاسدة فقال: إذا ادعى رجل على أجنبية أنها زوجته، وأقام على ذلك شاهدين بزور شهدا بالزوجية، وحكم الحاكم بشهادتهما فيجوز له عنده أن يطأها وتصير له زوجة عند الله تعالى، وعندنا أنها محرمة عليه مع علمه وهو زان، وفي وجوب الحد عليه نظر، وكذلك لو ادعت المرأة على زوجها أنه طلقها ثلاثًا، وشهد بذلك شاهدي زور، وحكم بشهادتهما الحاكم، فيجوز له أن تتزوج غيره، ولا يجوز لأحد الشاهدين أن يتزوجها وهو يسلم أن زوجها لم يطلقها إلى غير ذلك من فروعه الفاسدة في هذا الأصل المبنية على الهوى البعيدة عن الحق بالإطلاق، وله في ذلك تفصيل ننزه كتابنا عن ذكره. وهذه المسألة من أكثر معايبه، وأذم مساوئه.