قوله:"ولو ثبت فسق الشهود بعد الحكم، والاستيفاء بشهادتهم لم يلزم الحاكم بشيء مما تلف بشهادتهم، ولو ثبت رقهم أو كفرهم ضمن" وهذا كما ذكره، والفرق بينهما ظاهر، وهو أن العدالة اجتهادية للحاكم أن يقول: غلب على ظني العدالة بالاجتهاد وهو في الكفر الرق مفرط في اختيار حال الشهود، لأن ذلك ظاهر ليس كالعدالة.
فصل: قال القاضي -رحمه الله-: "وإذا تداعى الرجلان شيئًا بأيديهما أو في يد غيرهما مما لا يدعيه لنفسه أو ليس في يد أحدهم حكم به لمن أقام البينة على أنه له" وهذا كما ذكره، وذلك أن التقسيم في هذه المسألة يرجع إلى ثلاثة أشياء إلى اليد وإلى البينة، وإلى صفة الدعوى، لأن ذلك كله يمكن الاختلاف فيه، فنقول: إن كانت الدعوى متساوية، وادعى كل واحد جميعه، فإما أن يكون في أيديهما معًا، أو في (أيد أحدهما) أو لا يد عليه البتة، فإن كان الشيء في أيديهما، أو في يد غيرهما، فأقاما (معًا) البينة عليه حكم به لهما (بعد ايمانهما) إن تساوت البينة في عدالتهما، فإن كان البينة أحدهما أعدل من الأخرى قضي له به، هذا إذا كان في أيديهما معًا أو في يد غيرهما، فإن كان في يد أحدهما فهو لصاحب اليد مع يمينه، فإن أقام الآخر البينة فالبينة أولى من اليد، فإن أقام صاحب البينة أيضًا حكم بأعدل البينتين، فإن تكافأتا، سقطتا وكان صاحب اليد أولى.
واختلف المذهب إذا تنازعا عفوًا من الأرض، فقيل: يقتسمانه بمنزلة ما لا بد عليه. وفي المدونة: يبقى كغيرها من عفو بلاد المسلمين، وكذلك اختلف المذهب أيضًا إذا تكافأت البينة في الترجيح بالأكثر، فمذهب المدونة أنه يرجح بالأعدل، ولا يرجع بالأكثر (فروى ابن حبيب) عن ملك أنه إذ استووا في العدالة رجح بالأكثر، واختلف أيضًا إذا أقام أحدهما شاهدين