للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك بمنزلتهما، وهذا كله من باب تحكيم العادة، وشهادة العرف وقد قال الله سبحانه: {وأمر بالمعروف} [لقمان: ١٧]. وقال في قصة يوسف -عليه السلام-: {وشهد شاهدٌ من أهلها إن كان قميصه قد من قبلٍ فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قد من دبرٍ فكذبت وهو من الصادقين} [يوسف: ٢٦، ٢٧] وأمر -صلى الله عليه وسلم- أن تعطى اللقطة لمدعيها بمعرفة العفاص والوكاء، إذ لا يعرفها إلا ربها غالبًا.

قوله: "ومن مات عن دين فيه شاهد (وعليه دين) فللورثة أن يحلفوا ويحكم لهم، ثم يأخذ الغرماء (بديونهم) منه، فإن فضل كان للورثة، وإن أبى الورثة أن يحلفوا حلف الغرماء، واستحلفوا" وهذا كما ذكره، وأن الورثة يقومون مقام الموروث، ولو كان الميت حيًا لحلف مع شاهده، فكذلك ورثته فإذا أخذوا المال بشاهدهم ويمينهم قضوا منه الدين، لأن الدين مقدم على الميراث وإن كان الدين مستغرقًا للدين فلا شيء للورثة أن الإرث بعد الدين، فإذا تزاحما فالدين مقدم، فإن امتنع الورثة من اليمين فليس للغرماء إجبارهم عليها، لأن من حق الورثة أن يقولوا لا فائدة لنا في يمين يستحق بها غيرنا، وللغرماء حينئذ أن يحلفوا عندنا إذا نكل الورثة وينزلون منزلة الورثة، وقال الشافعي: ليس لهم ذلك، لأن الشاهد ليس لهم، وإنما قام بحق الميت، وعندنا أنه صار حقًا لهم في المعنى، فإذا حلف الغرماء، وثبت في الدين، وكان فيه فضل (عن الدين) لم يستحق الورثة البقة لنكولهم عن اليمين أولاً وامتناعهم عنها إلا أن يظهر لامتناعهم عذر مثل: أن يقولوا كنا نظن أنه لا يفضل لنا شيء، فلم نر أن نحلف على ما يستحقه غيرنا، فإذا فضل ما نأخذه، فلنا أن تحلف عليه ونأخذه.

قوله: "ومن أحلف خصمه، ثم علم أنه بينة أقامها، وحكم له بها" وهذا فيه تفصيل وذلك: أنه إما أن يكون عالمًا بالبينة أو غير عالم، فإن كان غير

<<  <  ج: ص:  >  >>