رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الأب)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث النعمان بن بشير:(فارتجعه) فدل ذلك على أن للأب أن يرجع فيما وهب لابنه، لأنه ماله بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أنت ومالك لأبيك) فكن كالعبد مع سيده، والأم عندنا كالأب لمشاركتها الأب في سبب الولادة هذا أصل المذهب في الأم، وفيه خلاف. قال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب: إن جاز الأب ما وهبت الأم لولدها لم يجز لها أن تعتصر لأنها لا تعتصر ما ولايته إلى غيرها، وكذلك إذا كان (يتيمًا) وإنما ذلك لها إذا لم تخرج العطية عن يدها، ولا يعتصر الجد والجدة عند مالك من رواية ابن القاسم. وروى عنه أشهب في كتاب محمد أن ذلك لهما، وإذا قلنا بجواز اعتصار الأم إذا كان للولد أب، وسواء كان الأب موسرًا أو معسرًا، فإن كان الأب والابن فقيرين فهل للأم أن تعتصر الهبة أم لا؟ قولان، ولو كان الولد صغيرًا فقيرًا لم تعتصر الأم، لأنها صدقة لا هبة (وإذا كان فقيرًا اعتصرت) وعلى قول سحنون: لا تعتصر، ولو كان الأب يوم العطية فلم تعتصر الأم حتى مات الأب كان لها أن تعتصر لأنها لم تكن على وجه الصدقة. وفي كتاب محمد: لا تعتصر بناء على مراعاة يوم الاعتصار لا يوم الهبة. قال الشيخ أبو الحسن: واختلف في اعتصار الأب إذا كان الولد كبيرًا فقيرًا فقيل له: أن يعتصر. ومنع ذلك سحنون إذا كان الأب أو الابنة محتاجين، وقال: وإنما يعتصر الأب إذا كان الولد في حجره أو نائبًا عنه، وله مال كثير ولا يقع الاعتصار إلا في الهبة، وأما في الصدقة لوجه الله فهل يقع فيها الاعتصار أم لا؟ قولان.