المشهور أنه لا يجوز فيها الاعتصار، فإن مرض الأب امتنع الاعتصار في الهبة، وفي كتاب محمد عن أشهب: إذا مرض الأب فله أن يعتصر، والصواب أنه لا يعتصر في المرض لأنه حينئذ يعتصر لغيره، وإذا كان الابن هو المريض فلا أدري، واختلف إذا منع الاعتصار لمرض الأب أو الابن، ثم برئ، وقد كان اعتصر المريض هل يتم اعتصار المانع أم لا؟ قال محمد: ولو اعتصر في المريض ثم صح كان الاعتصار صحيحًا، والصحيح أن اعتصاره في المرض موقوف، فإن مات بطل الاعتصار وإن صح ثبت، وتعتصر الهبة، وإن تغير سوقها بزيادة أو نقصان، واختلف إذا حدث بها عيب هل يمنع الاعتصار أم لا؟ وإن كانت أمة فولدت فله أن يأخذ الأمة دون ولدها ولو غاب عليها الابن، وادعى أنه وطئ كان فوتًا.
وقال المخزومي في كتاب محمد: له أن يعتصر إن كان قد وطئ لأن الوطء ليس بزيادة ولا نقص، وإذا تعلق بالهبة حق الغير امتنع الاعتصار مثل: أن تتزوج البنت أو يستدين الابن، لأن الناس إنما داينوه على الهبة. وقال ابن دينار في كتاب ابن حبيب: له أن يعتصر في الابن بعد التزويج ولا يعتصر من الابنة، لأن للابن مخرجًا مما دخل فيه وليس للابنة لأن زوجها يقول لها: إن اعتصرت (منك الهبة) فارقتك، وظاهر كلام القاضي أن تزويج البنت ليس كتزويج الابن لأنه مثل في البنت بالتزويج وفي الابن (بالاستدان).
قال ابن القاسم: من وهب لابنه الصغير دنانير فصاغها حليًا فليس له أن يعتصرها، لأنه أحالها عن حالها، ولو كان أرضًا فغرسها أو بناها، كان ذلك فوتًا، وكذلك إذا كانت دارًا فانهدمت إلا أن يعتصر العرصة وحدها، فله ذلك ولو هبه زيتًا أو قمحًا ونحو ذلك مما لا يعرف بعينه، فاختلط كان ذلك فوتًا يمنع الاعتصار وقيل: ليس بفوت.