لأنسابهم إلا ببينة"، وهذا كما ذكره، فلو قال القائل منهم: هذا أخي وهذا أبي، أو هذه ابنتي، فلا يقبل قوله في ذلك لأنه يتهم أن يريد بذلك قطع ميراثه من بيت المال، وكل بلدة افتتحت عنوة ثم سكنها المسلمون، وأسلم أهلها فإنهم يتوارثون بأنسابهم التي كانت في الجاهلية كما كانت العرب حين أسلمت، وأما كل قوم تحملوا فإن كانوا عددًا يسيرًا، فإنهم لا يتوارثون إلا ببينة عادلة من أسارى المسلمين الذين عندهم.
وأجاز مالك شهادة من دخل عندهم من التجار، وقيل: إذا شهد لهم العشرون رجلاً توارثوا، وإن لم تكن العشرون فما قرب من ذلك، وقال سحنون: لا يتوارثون إلا ببينة عادلة ولو كانوا مائة. قال مالك: ولو طالت المدة وهم متناسبون على ذلك، ولا أحد ممن قدم ينكر ذلك عليهم من أهل موضعهم، فإن ذلك يصير (حوزًا) يتوارثون به وإن لم يكن شهادة، وإذا مات رجل وترك ولدين مسلمًا ونصرانيًا، فادعى كل واحد أنه مات على دينه ولا بينة على ذلك تحالفا، واقتسما ماله. واختلف إذا لم يعلم أصله هل يرجح بصلاة المسلمين عليه، فلم ير ذلك ابن القاسم. وقال مطرف وابن الماجشون وأصبغ: إذا كان ذلك بحضرة النصارى فهو قطع لدعواهم إلا أن يكون لهم عذر في السكون، ولو أقاما بينة فتكافتا قسم المال بينهما، وقيل: المال للمسلم إذا كان غير معروف في النصرانية.
قوله: "وما فضل عن ذوي السماح للعصبة، فإن لم يكونوا فللموالي، فإن لم يكونوا فلبيت المال ولا يريد على ذوي السهام": وهذه المسألة مشهورة بالخلاف بين سلف الصحابة والتابعين، فعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وغيرهما يقولان بالرد، قال: والجمهور بعدم الرد، وعليه معتمد مالك وأصحابه واتفق القائلون بالرد على أنه لا يرد على زوج ولا