قوله:((وحد سفر القصر ثمانية وأربعون ميلاً)): يتعلق بهذا الكلام في حكم القصر، وفي حد المسافة، وقد اختلف الفقهاء في حكم القصر في السفر، فقيل: هو فريضة، والاتمام ممنوع احتجاجًا بحديث عائشة -رضي الله عنها-، وحققه الأئمة، لأنها كانت تتم، ولأنه -عليه السلام-، يتم وقيل: القصر سنة، لأنه -عليه السلام- فعله مظهرًا مداومًا عليه. وهو حقيقة السنة، وقيل: إنه رخصة، لأن سبب الرخصة قائم، وهو المشقة اللاحقة، فرخص للمسافر في القصر والفطر، وقيل: إنه مباح اعتمادًا على حديث أنس قال: (سافرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمنا الصائم، ومنا المفطر، ومنا المتم، ومنا المقصر، فلم يعتب أحد منا على الآخر) وهذا معقول الإباحة.
والذي اختاره القاضي من المذهب ونصره أن القصر سنة، والاتمام مكروه اعتمادًا على الفعل الدائم المستمر.
وأما المسافة المبيحة فاختلف السلف فيه اختلافًا كثيرًا. وتحصيل المذهب في ذلك أن السفر إما أن يكون بريًا أو بحريًا، وأما المسافة ففي المذهب روايتان، إحداهما: التحري بالزمان. الثانية: بالمكان. واختلفوا في تعيين الزمان على روايات. الرواية الأولى أنه لا قصر إلا في مسيرة اليومين التامين. الرواية الثانية أن لا قصر إلا في مسيرة اليوم والليلة. الثالثة: أنه لا قصر إلا في مسيرة اليوم. والذين حدوه بالمكان اختلفوا ي تعيينه، فقيل: أقل