من ذلك ثمانية وأربعون ميلاً، لا قصر في أقل من ذلك. وقيل: خمسة وأربعون ميلاً، وقيل: أربعون ميلاً، وقال ابن القاسم إن قصر في ستة وثلاثين ميلاً لم يعد. وحكى أبو محمد بن عطية المفسر في كتاب التفسير عن المذهب القصر في ثلاثين وقال: وفي المذهب أيضًا القصر في ثلاثة أميال فصاعدًا.
قلت وهذا غير معروف في المذهب، والمشهور ما ذكرناه من الروايات الأولى، وهذه الروايات الواقعة في المذهب مبنية على اختلاف الأحوال وتقارب الزمان، لأن هذه المسافة المكانية هي مظنة لا يقطعها المسافر في هذه المسافة الزمانية، وإن اختلفت فذلك بحسب اختلاف المسافرين في المشاة والركبان، وقد قال -عليه السلام-: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يومًا وليلة مع غير ذي محرم) ففي هذا النص الصريح ما يدل على أن هذه المسافة توجب حكم السفر، ومفهومه أن أقل من ذلك لا يوجب.
وثبت في هذا الباب آثار مختلفة عن السلف من الصحابة والتابعين، وذكرناها في موضعها، وأما سفر البحر فأكثر الرواة على أنه كسفر البر، وقال مالك بقصر أهل البحر في مسافة (اليوم) التام هكذا وقع في