وقيل: الشهرة ونحوه، فإذا اختلطا قبل خروج الساعي بهذا المقدار من الزمان فهي خلطة مؤثرة والصحيح أن ذلك موكول إلى الاجتهاد، وما يظهر من قرائن الأحوال، لا إلى الزمان، فإن قصد الارتفاق والاستصلاح فهي خلطة تقدمت بالزمان الكثير أو القليل، وإذا فرغنا على مذهب مالك وهو اشتراط النصاب لكل واحد منهما، فاختلطا، فكان في مجموع ملكيهما نصابًا وليس لكل واحد منهما نصاب، فأخذ الساعي من أحدهما هل هي مصيبة منهما جميعًا، أو من صاحب الغنم الذي أخذ الساعي منها، فيه تفصيل، فإن قصد الساعي الغصب فهي ممن أخذها منه، ولا تراجع بين الخليطين في ذلك، لأنه ظالم له في ذلك، وإن رعى الاختلاف، ولم يقصد الغصب، فالمشهور التراجيع بينها، لأن الخلطة سبب في تأويل الساعي، فإن كان لأحدهما نصاب، وللآخر دون أن يكون يضر صاحبه بصاحب النصاب أم لا؟ فإن (أضر) به فهي مصيبة لمن أخذت منه والساعي ظالم له، فلا تراجع مثل أن يكون لإحداهما مائة وعشرة، وللآخر إحدى عشرة، وإن لم يضر به فقولان، المشهور عندنا، التراجع بين الخليطين إلا أن يتبين أن الساعي غاصب من غير تأويل، والشاذ نفى التراجع اعتبارًا بنقص النصاب. وإذا قلنا: بالتراجع بين الخليطين في ذلك، فقد اختلف المذهب في كيفية التراجع فيه على قولين، فقيل: يتراجعان في الشاتين وتكونان بينهما بالسوية، وقيل: في شاة واحدة، لأن التأويل إنما وقع فيها، وأما الشاة الواحدة فواحدة على صاحب النصاب من غير خلاف. ونظرة أشياخنا بما لو شهد أربعة بالزنا، واثنان بالإحصان، ثم رجعوا فالواجب عليهم الدية، فقيل: تكون على الشهود الستة على عدد الرؤوس، وقيل: تكون الدية عليهم نصفين: نصف على الشهود بالزنا، ونصف على شهود الإحصان لأنهم شركاء في (القتل) على السواء.