وذكر القاضي -رحمه الله- أن الخلطة تفيد تخفيفًا وتثقيلًا، وبين الصورتين بالمثال البين، والأمر في تأثير التخفيف أظهر، وصورة تأثيرها بالتثقيل أن يكون لأحد الخليطين مائة وعشرون وللآخر إحدى وثمانون فعليهما بالافتراق شاتان. فإذا اجتمعا كان عليهما ثلاث شياه لأنها مائتان وشاة وهو معنى نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن الجمع والتفريق لقصد الاضطرار، فإن فعلاه غرما بنقيض قصدهما وأخذ بما كانا عليه قبل، هذا نص المذهب، وقد استقرئ من المذهب أنهما يؤخذان بحكم الخلطة أشار إليه اللخمي.
قوله:((وما به يكونان مختلطين هو أن يجتمعا في الراعي والمرعى والفحل والدلو والمسرح والمبيت)): تكلم في هذا الفصل (في واجبات) الخلطة، وبدأ بالراعي الواحد، فإن كان راعي الغنم واحدًا فهو أحد الشروط الخمسة، فإن اشتركت الرعاة وتعددت، فإما أن تدعو الحاجة إليهم أم لا؟ فإن دعت الحاجة إليهم لكثرة المواشي فاشتركوا في الرعاية بإذن الإمام فهو كالأول، فإن اشتركوا في رعاية المواشي من غير أن تدعو الحاجة إلى ذلك، فإما أن يكون بأمر أرباب المواشي أم لا؟، فإن كان بأمر من أرباب الأغنام ففيه قولان: المنصوص أن ذلك كالراعي الواحد، وروى بعض الأشياخ أن ذلك لا يكون كالراعي إلا مع دعو الحاجة إلى ذلك، وعلم أرباب المواشي به، وإلا فلا، وهو اختيار أبي الوليد الباجي.
والمرعى: هو مفعل اسم لمكان الرعي. والفحل: هو الذكر الذي يطرق