وكذلك اختلف المذهب عندنا هل يخرج لصلاة الجمعة إذا اعتكف في غير مسجد الجمعة، وهل يخرج للجنازة في خارج المسجد أم لا؟ وهل يخرج لصلاة العيدين، ولغسل الجمعة، ولغسل ثيابه إذا احتاج إلى ذلك، وفي ذلك كله عندنا خلاف في المذهب فقيل: لا يخرج، لأن ذلك مناقض لسنة الاعتكاف، فإن خرج بطل اعتكافه، وقيل: يخرج لأن ذلك ضرورة وطاعة، وكذلك لا يخرج لطلب دين له، وهل يخرج لدين عليه أو لا؟ لا يخلو أن يدخل لدداً أو غير لدد، فإن دخل لدداً فلا خلاف في إخراجه جبراً، وإن دخل على غير وجه اللدد فهل يخرجه الحاكم جبراً أم لا؟ فيه ثلاثة أقوال، فقيل: يخرجه مطلقًا تغليبًا لحق الآدمي، وقيل: لا يخرجه مطلقًا تغليقًا لحق الله سبحانه، وقيل: إن بقي له من الاعتكاف اليوم واليومين فلا يخرجه، فإن طال الأمر أخرجه، قال ابن القاسم: إن خرج لطلب دين عليه ناجز وجب عليه بطل اعتكافه، وروى عن مالك أنه لا يبطل، لأن هذا ضرورة، وإن طلب بأداء شهادته. قال مالك في (العتبية): يؤديها في المسجد، وقيل: ينقل عنه، وأجاز النقل عنه، وإن كان صحيحًا لأجل العذر.
قوله:"ويلزم المعتكف من حكم الاعتكاف في حال خروجه ما يلزمه في حال مقامه": وهذا كما ذكره لأن حكم الالتزام باق عليه، وإنما أباح له الخروج وجود العذر.
قوله:"ولا يجوز له الخروج لغير ما ذكرناه من عيادة المريض أو صلاة على جنازة، وإن كان لأهله".