قلت: اختلف المذهب في العمل الذي يخص الاعتكاف، قيل: الصلاة وذكر الله، وقراءة القرآن لا غير ذلك، وقيل: جميع أعمال البر الأخروية، فيدخل في ذلك الصلاة على الجنازة ودراسة العلم ونسخه، وكل عمل فيه ثواب وقربة، ولا يبيح الاشتراك فيه إباحة ما ليس فعله في الاعتكاف كالحج والعمرة، والخلاف في ذلك بين أهل العلم مشهور، قال مالك: قد اعتكف النبي -صلى الله عليه وسلم- وعرف المسلمون سنته، فإن اشترط ما يغير سنة الاعتكاف، فحكى ابن القصار أن ذلك لا يفيد.
قوله:"ويتجنب المعتكف جميع أنواع المباشرة": قلت: الأصل في ذلك قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون} الآية [البقرة: ١٨٧]. نبه بالمباشرة على ما في معناها من أنواع الاستمتاع، فإذا فعل من هذه الممنوعات شيء بطل اعتكافه، ووجب عليه القضاء، هذا مذهب جمهور العلماء وشذ ابن لبابة فقال: إن المباشرة تحرم على المعتكف في المسجد، وأما في غير المسجد فلا. وإن جامع عامدًا في غير المسجد لم يبطل اعتكافه عنده، وهذا شذوذ عن أقوال الجماهير ولا يعول عليه، وربما كان به مسندًا بالآية، وقال أبو حنيفة: إن قبل أو باشر لم يبطل اعتكافه. وأجمع العلماء على أن المعتكف إذا ارتكب كبيرة بطل اعتكافه، ولو بطل اعتكافه لعذر جاز له البناء.
قوله:"وله أن يعقد النكاح لغيره أو لنفسه": وهل (يجوز) النكاح للمحرم، والخلاف في ذلك مشهور.