ذكره، وقد تقدم فيما يقع التذكية به، وأنه كل محدود يحصل به الإجهاز. واختلف في هذا الباب فيما قتله المعراض أو الحجر، وفيه ثلاثة أقوال، فقيل: يؤكل مطلقًا، وقيل: لا يؤكل مطلقًا، وقيل: يؤكل إذا أصاب بحده دون عرضه وهو قول جمهور الفقهاء تعويلًا على قوله -عليه السلام- لما استفتى عما قتله المعراض، أما ما قتله عرضه فلا يؤكل، وأما ما قتله بحده فكل. وإنما منع الجمهور كل ما قتله بعرضه، لأنه داخل تحت قوله تعالى:{والموقوذة} بعصا وفي معنى العصا كل ما ليس بمحدود. وفي حديث عدي بن حاتم حين سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المعراض إذا أصاب بعرضه فلا تأكل فإنه قد أشار إلى التعليل الذي ذكرناه، والمعراض: سهم لا ريش له قاله الداودي.
قال القاضي -رحمه الله-: «فإن بات الصيد عنه بعد إرسال الجارح» إلى آخر الباب.
شرح: اختلف العلماء في الصيد إذا بات، أو غاب عن الصائد مصرعه هل يؤكل أم لا؟ فقالت طائفة من العلماء: يؤكل مطلقًا، وقالت طائفة: لا يؤكل مطلقًا، وبالكراهية قال الثوري، وفي مذهب مالك في ذلك خلاف، فقال مالك في المدونة: لا يؤكل وإن وجد منفوذ المقاتل سواء كان بجارح أو بسهم. وقال ابن الماجشون: يؤكل منهما جميعًا إذا وجد منفوذ المقاتل، وقال بعضهم: لا يؤكل من الجارح ويؤكل من السهم، وحكى الشيخ أبو الحسن قولًا بالكراهية، وجه المنع ما خرجه مسلم من حديث أبي ثعلبة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أرسلت سهمك فغاب عنك مصرعه