منفوذ المقاتل، ولم يجد حديدة، فأرسل عليه الكلاب حتى تقتله تعويلًا على قوله تعالى:{فكلوا مما أمسكن عليكم}[المائدة: ٤] والجمهور على أنه إذا وصل إلى هذه الحال فهو في حكم المقدور عليه، فيفتقر إلى الذكاة المعتادة.
ومن هذه الأسولة إذا أرسل الصائد على الصيد جارحًا ثم جارحًا، فإن قتله الأول فلا خلاف أنه يؤكل، وإن أمسكه الجارح الأول، ثم جاء الجارح الثاني فقتله لم يؤكل، لأنه مقدور عليه، فلا يجزئ فيه إلا ذكاة المقدور عليه ولو أرسل الصائد الجارح الثاني على الصيد قبل إمساك الجارح الأول فالمنصوص أنه يؤكل، وهو ظاهر النظر، إذ هو غير مقدور عليه. وخرج اللخمي أنه لا يؤكل، ولعله بناء على الغالب. ثم ذكر القاضي الخلاف في الصدم والنطح وغيره مما لا تنييب فيه ولا جرح، هل هي تذكية أم لا؟ وفيه قولان عندنا، فمن اشترط التنييب حمل لفظ الجارح على ظاهره من الجراح والتأثير، ومن حمله على المعنى اللغوي فإنه كقوله تعالى:{ويعلم ما جرحتم بالنهار} لم يشترط تنييبها، والخلاف بين ابن القاسم وأشهب، فابن القاسم منع أكل المصدوم بموت من صدمة الجارح، وأشهب أجازه لعموم قوله تعالى:{فكلوا مما أمسكن عليكم} وأما إذا مات الصيد فزعًا من الجارح أو تردى في هواة، أو مات في ماء، ونحو ذلك من مواضع الشك، فلا يؤكل الصيد في جميع هذه المواضع تمسكًا بحكم الأصل.
قوله:«وأما السلام فكل ما جرح فالاصطياد به جائز» وهذا كما