الناس من مرافقها في العادة كمطرح التراب، ومصب الميزاب، ومواضع الطريق، وأما البئر فليس لها حريم معلوم لاختلاف الأرض بالصلابة والرخاوة، وحريمها في الحقيقة ما لا يضر بمائة، ولا يضيق مناخ إبلها، ومرابط مواشيها، وأما إذا أحيي بغير إذن الإمام ممن أوجبنا عليه الاستئذان فالحكم فيه للإمام إن حسن عنده أمر فعله، فإما أبقاه (بيد من أحياه)، وإما أزاله وإما أقطعه، وإما أبقاه للمسلمين وأعطاه قيمته، وهل يعطي قيمته مقلوبًا وهو المشهور لأنه متعد بالإحياء، أو قائمًا حكاه ابن القاسم في وثائقه.
فرع: هل للذمي أن يحي في بلاد المسلمين أم لا؟ اختلفت الرواية فيه عن المذهب، فحكي القاضي أبو الحسن بن القصار عن المذهب أنه ليس له ذلك، وقال ابن القاسم: له الإحياء لعموم لفظ الحديث إلا في جزيرة العرب لقوله -صلي الله عليه وسلم-: (لا يبقين دينان بأرض العرب) فإن أحيي في جزيرة العرب نزع من يده، وأعطي قيمة ما عمر، وقال مطرف وابن الماجشون له الإحياء في البعيد عن العمران دون القريب، ولا يجوز له الإحياء (في القريب)، وإن أذن له الإمام، ويعطي قيمته، وينزع من يده.
قوله:"وليس لحريم البئر حد إلا الاجتهاد"، وهذا كما ذكره،