للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فحورٍ قد لهوت بهن عينٍ ... نواعم في المروط وفي الرباط) والفاء لا يُشك في أنها لا تجر.

ومن ذلك "بل" في قول الآخر:

(بل بلدٍ أطرافه في أبلاد) (١)

فـ"رب" بعد هذين الحرفين مضمرةٌ لا محالة، وهما حرفا عطفٍ، وكذلك هي مضمرة بعد الواو؛ فإن قلت: فنراها تقع كثيراً في أوائل القصائد، وحيث لا كلام قبلها، فتعطف عليه، فعلى أي شيء عُطفت الواو والفاء وبل لرب المقدرة بعدها، وما انجر بها؟ فالجواب أن الشاعر يبتدئ بالواو مثلاً مقدراً العطف بها على شيء منويٍ مقدر يكون كالمنطوق به، كما يبتدئ بـ"الفاء" وكذا بـ"بل" مقدراً الإضراب عن شيء مقدر منوىٍ به التقديم؛ وحقيقة ذلك الشيء أنه سوى ما أخذ فيه.

وشبيه بهذا قولهم في أثناء القصائد حين يخرجون من نسيب إلى غيره، أو من نعت إلى نعت، فدع ذا، وفعد عما ترى، قال:

(فدع ذا ولكن هتعين متيماً ... ......................... ) (٢)

يريد هل تعين، فأدغم، وقال النابغة:

(فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له ... وانم القتود على عيرانةٍ أجد) (٣)


(١) لم أعثر عليه في المصادر التي بين يدي.
(٢) ناصب: متعب والشاهد فيه أن الشاعر يبتدئ غرضاً جديداً بالفاء، دون أن يعطف ما بعدها على ما قبلها وقد جاز الإدغام لأن اللام والتاء من حروف طرف اللسان.
الشاهد لمزاحم بن عمرو بن مرة العقيلي ( .. - ١٢٠/ ٧٣٨) وعجزه.
........................... على ضوء برق آخر الليل ناصب
الديوان ٢٤، وروايته فيه: فذر ذا ولكن هل تعين متيماً
انم: ارفع، القتود: عيدان الرحل، الأجد: الموثقة الخلق من النوق. العيرانة: المشبة بالعير.
(٣) الديوان: ٥، الصحاح (نمي)، اللسان (قتد).

<<  <   >  >>