للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثال حرف الجر المكفوف "رب"، تدخل عليها "ما" فتكفها عن العمل ويليها الفعل، وحروف الجر في الأصل لا تدخل إلا على الأسماء، ومثال دخولها على الفعل مكفوفةً بما قوله تعالى {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} (١) [الحجر: ٢]، ومن شواهده قول الأبرش (٢)

(ربما أوفيت في علمٍ ... ترفعن ثوبي شمالات) (٣)

والنحويون (٤) يجعلون "ما" كافة لرب في هذا البيت وفي الآية التي قبله، ولكن يجعلون استعمالها في البيت هو الأصل، قالوا: لأنها لما كان معناها لما مضى، وذلك قبل أن تكتف كانت بعد الكف لما مضى أيضاً، وأنشدوا البيت لأن فيه بعد "ربما" قوله: أوفيت؛ وهو فعلٌ ماضٍ، والآية عندهم لوقوع المضارع بعدها على غير قياس بابها في الأصل، بل متأولةٌ على حكاية الحال التي ستكون، قالوا: وهو كما جاء في الأخرى {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ


(١) الحجر ١٥: ٢٠.
(٢) جذيمة بن فهم بن تيم الله التنوخي (٠٠ - ٣٦٦/ ٢١٨) ثالث ملوك الدولة التنوخية في العراق. كان يقال له "الوضاح" و"الأبرش" لبرص فيه. الأغاني ١٤/ ٧٢ الخزانة ٩: ٥٦٩.
(٣) أوفيت: أشرفت، العلم: الجبل، الشمالات: جمع الشمال من الرياح، ومعنى البيت عند الشنتمري أنه يحفظ أصحابه في رأس جبل إذا خافوا من عدو، وعند غيره أنه يصعد الجبل بنفسه ليستطلع أعداءه ولا يعتمد في ذلك على غيره. والشاهد في الكتاب ٢: ١٥٣ النوادر: ٢١٠، العمدة ٢، ٢٧٦ أمال الشجري ٢: ٢٥٣ شرح المفصل ٩: ٤٠، اللسان (شمل، شيخ) الخزانة ٤: ٥٦٧.
(٤) انظر الكتاب ٦: ٤٥٨، أمالي ابن الشجري ٢/ ٢٤٣.

<<  <   >  >>