للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} (١) [القصص: ١٥] حكى عندهم المستقبل بقوله (ربما يود) كما حكى الماضي في قوله: (هذا من شيعته وهذا من عدوه) ووجه الحكاية أن هذا اسم إشارة، والإشارة إنما تقع إلى الحاضر (٢) والقصة حين الإخبار بها ماضية.

وقد كفوا كاف التشبيه بـ"ما" في بعض الوجوه، وذلك في قولهم "كن كما أنت" (٣)، يجوز أن تكون "ما" بمعنى الذي كأنه قال: كن كالذي أنت. أي كالذي هو أنت، فحذف العائد وهو المبتدأ للطول ولا يقاس على هذا الحذف.

ويجوز أن تكون "ما" كافةً للكاف، وهي حرف جر فوقع بعدها الضمير المرفوع المنفصل بعد أن كان لو وليته لوقع بعدها الضمير المجرور وهو متصلٌ، لأنها تجر ما دخلت عليه بالإضافة إن كانت اسماً كما تجره "مثل" وبالحرفية إن كانت حرف جر، وتكف بما كف غيرها، كقولك أنت صاحبي كما زيدٌ صاحبي، فيقع بعدها، كما ترى المبتدأ وخبره، وبالجملة يقع بعدها المرفوع؛ ويدلك على أن الكاف حرف جرٍ، وصلهم بها الذي في قولك: الذي كزيدٍ منطلقٌ، فالكاف في صلة الذي متعلقةٌ بمحذوف كما تتعلق به "في" وغيرها من حروف الجر إذا وقعت هذا الموقع، إذا قلت: الذي في الدار؛ والذي من الكرام، وكونها اسماً هو في مثل قوله:


(١) القصص ٢٨: ١٥ {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ ... }
(٢) في (ج): إلى حاضر.
(٣) انظر المغني ١/ ١٨٧.

<<  <   >  >>