للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"كتاب الله" ليس بمنصوبٍ على الإغراء وليس باسم المكتوب، بل هو مصدر بمنزلة الكتب والكتابة وناصبة فعلٌ مضمرٌ دل عليه ما تقدم من الآية، وهو قوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} (١) [النساء: ٢٣] إلى قوله {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٤] لأن قوله "حرمت" يدل على أن ذلك مكتوب عليهم، فانتصب بالفعل الذي دل عليه "حرمت" فكأنه قال: كتب ذلك كتاباً عليكم، أي كتابةً، أو كتبه الله كتاباً عليكم، وهذا معناه عندهم، فالكتاب على هذا كالخلق، يكون المصدر ويكون المخلوق؛ وجمعوا في هذا الاستدلال بين هذه الآية وبين قول الشاعر:

(ما إن يمس الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طي المحمل) (٢)

فنصب "طي المحمل" بما دل عليه ما تقدمه من البيت؛ كأنه قال: طوي طي المحمل. واحتج من أجاز التقديم في معمول هذه الكلم بقول الآخر أيضاً:


(١) النساء ٤: ٢٢ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ .. }.
(٢) نعته بالضمور فشبهه في طي كشحه وإرهاف خلقه بالمحمل وهو حمالة السيف، ويقول: إنه إذا اضطجع لم يمس الأرض إلا منكبه وحرف ساقه، لأنه خميص البطن فلا ينال بطنه الأرض، والمنكب كمجلس: مجتمع رأس العضد والكتف.
والبيت لأبي كبير الهزلي عامر بن الحليس "؟ " يقوله في تأبط شراً (٠٠ – ٨٠/ ٥٤٠) وكان أبو كبير عامر بن الحليس زوج أمه.
ديوان الهزليين ٢/ ٩٣ الكتاب ١: ١٨، حماسة أبي تمام ١: ٨٧ شرح الحماسة للمرزوقي: ٩٠، الانصاف: ٢٢٠، المقاصد النحوية ٣: ٥٤ الخزانة ٣: ٤٦٧.

<<  <   >  >>