للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: في بيان السنة لعقوبة الزاني الواردة في القرآن الكريم]

ودفع الشبهات

[تمهيد:]

جاءت أحكام الشريعة الغراء لحفظ مصالح الناس الدينية والدنيوية، وتضم تلك المصالح حفظ الدين والنفس، والمال، والنسل، والعقل، وقد سماها الفقهاء والأصوليون بالضروريات أو الكليات الخمس ((١)) .

وقد شرع الإسلام لكل واحد من هذه الضروريات الخمس أحكاماً تكفل إيجاده وإقامته، وأحكاماً تكفل حفظه وصيانته.فكل حكم يكفل إقامة هذه الأمور الخمسة أو حفظها هو حكم ضروري (٢) (٢) .

[الحدود في الإسلام لحماية المجتمع، وهي حق لله تعالى:]

والحدود في الإسلام أحكاماً ضرورية شرعت لحفظ هذه الضروريات، ومع أنها شرعت لحماية المجتمع، إلا أن العلماء من الأصوليين وغيرهم اعتبروها حق لله تعالى.

ومعني هذا الاصطلاح أنها شرعت لحماية الجماعة ولكنهم يجعلون العقوبة حقاً لله تعالى إشارة إلي عدم جواز العفو عنها، أو تخفيفها، أو إيقاف تنفيذها لا من الأفراد أو من الجماعة (٣) ..... (٣)

وهذا يجعل البشرية من شأنها أن تعيش في طهر ديني، وفي فضيلة سائدة، فإن الفضيلة كما هي حماية للمجتمع من جراثيم الانحلال التي تحل عراه، فإنها كذلك أمر مصون تجب المحافظة عليه، وتشريع العقاب لكل من هتك حماها.

ورغم أن هذه الحدود الكبرى قليلة العدد، إلا أنها كثيرة الوقوع، وهذا ما غفل عنه البعض في عدم اعتبار القرآن كتاب محكم، لأنه لم يذكر إلا بضع جرائم، في حين أن قانون العقوبات الذي صاغه البشر احتوي على ما يزيد على مائتي جريمة.


(١) ١) الموافقات للشاطبي ٢/٣٢٤، وعلم أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف ص ٢٠٠، والوجيز في أصول الفقه
للدكتورعبد الكريم زيدان ص٣٧٨.
(٢) ٢) التشريع الجنائي الإسلامي لعبد القادر عوده ١ / ٢٠٣.
(٣) ٣) المصدر السابق ١ / ٩٩.

<<  <   >  >>