وكبرى، وإن شئت قلت: أولى وأخرى، ثم المطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه، وهذا الحديت مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي، ونفيه، وإنما يقع الخلاف في المقدمة الصغرى، فلو وجد حديث يكون مقدمة صغرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيِه لاستقل الحديثان بأدلة أحكام الشرع، لكن هذا لم يوجد، فإذن هذا الحديث نصف أدلة الشرع باعتبار ما ذكرناه.
فإن قيل: كثير من أوامر الشرع العامة خُصَّت بصور فتلك الصور ليس عليها أمر الشرع، وإلا لما كان مخصوصًا بها، ومع ذلك فهي صحيحة في الشرع فإذًا قد صَحَّ في الشرع ما ليس عليه أمر الشرع.
قلنا: تخصيص تلك الصور من أوامر الشرع إن كان بغير دليل شرعي فهي باطلة، ولا نسلم صحتها، وإن كان بدليل شرعي فعليها أمر الشرع فلا نسلم خروجها عن أمر الشرع.
فإن قيل: ثبت أن خالد بن الوليد تأمَّر على جيش مؤتة بعد قتل أُمَرَائِهِ من غير إمرة (١)، وهي ولاية ليس عليها أمر الشرع، ثم قد صحَّت؛
قلنا: لا نسلم أنه ليس عليها أمر الشرع، لأن المراد بأمر الشرع دليله، وإمرة خالد يومئذ كان عليها دليل الشرع من وجهين:
أحدهما: أنه هو وأصحابه رأوا في إمرته المصلحة العامة الراجحة للمسلمين، واعتبار المصالح من أدلة الشرع القوية على ما سنقرر في أثناء هذا